يشكل السنة و الشيعة اكبر طائفتين في العالم الاسلامي، و في الديانة المحمدية، و يوجد بينهما خلافات تعود الى 14 قرنا، و لا زالت تلك الخلافات قائمة، و تلقي بظلالها على المشهد المعاصر و الحالي، و هنا ساتناول اهم خلاف عقدي و فكري بين الطائفتين، الا و هو الامامة.
الاختلاف حول الامامة:
الامامة لدى الشيعة
الشيعة يعتقدون و يؤمنون ان الامام او الخليفة يتعين بالنص الالهي، و ان النبي محمد عليه الصلاة و السلام اختار علي بن ابي طالب للامامة، و تنتقل من بعده لاولاده و لا يجوز صرفها الى من سواهم. فتكون خلافة ابي بكر و عمر و عثمان غير شرعية، و انما انتزعت من علي غصبا، و يستدل الشيعة على وجوب الامامة لعلي باحاديث من ابرزها حديث الغذير، و هو حديث موجود ايضا في مصادر
طائفة السنة، يقول النبي في مقطع منه:( ...من كنت مولاه فعلي مولاه...)(1) و في راي الشيعة، فان هذا الحديث يؤكد حكما قطعيا ملزما بالولاية لعلي.
الامامة لدى السنة
اما السنة فيعتقدون ان الامام او الخليفة يتعين بالاختيار او الانتخاب، و ان النبي محمد عليه الصلاة و السلام لم يسم خليفة من بعده، يوجب على المسلمين لزومه، و مبايعته، و عدم التحول عنه.
و يجيب السنة على حديث الغذير، بانه لا يتضمن دلالة على الاستخلاف لعلي بن ابي طالب، و انما المقصود بالموالاة المحبة و المودة و ترك المعاداة. و يضيفون ان الخلافة امر عظيم لا يمكن الدلالة عليها بلفظ مجمل كهذا.
الجواب بحسب رايي
تمهيد
ينبغي ان نعلم، ان كثيرا من الخلافات و الحروب و الصراعات الكبيرة حدثت و نشات نتيجة سوء فهم بسيط، يقع بين اطرافها، و كما يقال، فان معظم النار من مستصغر الشرار، ثم ان كل من طرفي
الخلاف و النزاع لا ينظر نظرة موضوعية في الامر،
بل يغلب حقيقة انه وحده الذي على صواب، و ان الاخر مخطيء، و ان نيته غير سليمة، و لا يحاول ان يضع نفسه موضع الطرف الاخر، و يتفهم وجهة نظره.
لذلك فان الاختلاف حول مسالة الخلافة بعد وفاة النبي(عليه الصلاة و السلام)كان له اسباب عدة، منها الظروف المحيطة بوفاة النبي (صلى
الله عليه و سلم)، و الشكوك التي حامت حول كيفية الوفاة، و غياب وصية او امر صريح و قطعي في مسالة الاستخلاف، و ايضا الاختلاف في وجهات النظر، فيما ينبغي القيام به، فكل فئة كان لها راي معين،و حجج منطقية، و اعتقد ان التامل في الاسطر و الفقرات التالية، قد يساعد على فهم و ادراك ذلك الخلاف و الاجواء المحيطة به.
اولا
احتدام المنافسة و الصراع حول
الزعامة في قريش قبل الاسلام
ان السيادة و الزعامة و السؤدد امر مرغوب فيه، و يتنافسه الناس،لان الزعامة معناها السلطة و الحكم، و ان يكون للمرء راي موثر في المجتمع و في الاحداث العامة المتعلقة به، و ان يكون محط
الانظار، مسموع الكلمة، و صاحب الشرف و الشهرة و الصدارة في قومه و قبيلته.و لذا كان هنالك تنافس محتدم حول الزعامة في قريش قبل الاسلام.
ثانيا
تاثير اصطفاء النبي(محمد عليه الصلاة
و السلام) للرسالة على الزعامة
السياسية في قريش
ان اصطفاء النبي(محمد عليه الصلاة و السلام) للرسالة، دفع به للزعامة و لصدارة المشهد، و هذا ما ترفضه جهات اخرى، بل و بسببه وقفت في وجهه، و حاربت رسالته، اذ رات ان منصب الزعامة و القيادة السياسية سيغتصب منها بشكل نهائي، و لا يمكنها اطلاقا المنافسة لاجله مجددا، اذ يستحيل عليها تحصيل او الاتيان بمنصب نبوة مماثل.
ثالثا
نهج النبي (صلى الله عليه و سلم)لاساليب
الاشارة والتلميح فيما يخص مسالة
الخلافة بعده
النبي(صلى الله عليه و سلم) كان يعلم برفض جهات لزعامته، فكان يتعمد تاليفا للقلوب، واملا في استمالة تلك الجهات، هي و من يدور في فلكها للايمان، تجنب الخوض المباشر في موضوع الزعامة و الخلافة بعده، و يكتفي بالتمهيد لذلك باساليب التلميح و الاشارة و ينوي ترك مسالة الخلافة بعده الى اخر وقت ممكن.فالنبي فضل الظهور بمظهر المعلم و المربي على مظهر السياسي و الحاكم و الزعيم و ان كان من الصعب التفريق بين الامرين لكنه حاول ذلك من خلال تجنب التصريح و التنصيص بشكل قطعي و مباشر عن من سيخلفه من بعده، لكي لا يظهر بمظهر الحاكم او الملك الذي سيورث ملكه لمن بعده.
و معلوم ان النبي قد عرض عليه ان يكون ملكا نبيا فاختار ان يكون عبدا رسولا كما ورد في الروايات.(2)
الادلة على استخلاف الائمة من ال البيت عليهم السلام
بشكل غير مباشر
و
باساليب الاشارة و التلميح
الحديث الاول
حديث:( ...من كنت مولاه فعلي مولاه...)(3)
االحديث الثاني
((يا ايها الناس! اني قد تركت فيكم، ما ان اخذتم به لن تضلوا، كتاب الله و عترتي اهل بيتي)).(4)
االحديث الثالث
الحديث السادس
و في حديث ان الراوي قال: سمعت النبي (صلى الله عليه و سلم) يقول:
(( يكون اثنا عشر اميرا)) فقال كلمة لم اسمعها. فقال ابي: قال:(( كلهم من قريش))(8)
الحديث الثامن
((يكون بعدي من الخلفاء عدة اصحاب موسي))(10)
الحديث التاسع
«أنا مدينة العلم، وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب».(11)
الحديث العاشر
«أنا دار الحكمة، وعليُّ بابها».(12)
و غيرها من الاحاديث النبوية.
خلاصة
يمكن تشبيه احقية ائمة ال البيت
عليهم السلام
بالخلافة في ظل غياب نص صريح و قطعي، او وصية
تمثل حجة دامغة،بمالك عقار، و صاحب الاحقية فيه، و لكنه لم يسجل عقاره، و لم يحفظه، لدى
الدوائر الرسمية المختصة في التحفيظ
العقاري، و
هذا الاهمال من شانه ان يخلق مشاكل مستقبلية، منها ظهور من ينازعه احقيته في الملكية، و هذا تماما ما وقع لال البيت عليهم السلام.
ملحوظة
لابد من القول بان الاسلوب غير المباشر في الخطاب
ليس هو الاسلوب المباشر، و اساليب التعريض و
التلميح و الاشارة ليست هي اساليب التصريح
والتنصيص، بل اننا نجد، ان من النصوص العديدة
التي وردت في القران الكريم و الاحاديث
النبوية، مجموعة كبيرة، باسلوب صريح، و بصيغة الامر،
و بالرغم من ذلك، نجدها قد لا تفيد الوجوب و
الفرض، و تصرف الى النذب و التطوع، فما بالنا
باساليب التلميح و الاشارة، اليس يعذر من
لم يعمل بفحواها؟!
رابعا
اعلام النبي(صلى الله عليه و سلم) بموعد
وفاته دوناعلامه بكيفية الوفاة، و
تخطيطه لترك
وصية مانعة للخلاف من
بعده
لقد اعلم الله تعالى نبيه محمدا، عليه الصلاة و السلام، بدنو اجله، دوناعلامه بكيفية الوفاة، فخطط في قرارة نفسه لترك وصية، تحول دون وقوع الخلاف و النزاع بعده، لكنه سيواجه ظروفا و احداثا متسارعة و غير متوقعة، منها دس السم له، مما سيؤثر على قوته و تركيزه، و بالتالي يحال بينه و بين ترك الوصية.و مما يدل على مسالة الاغتيال، ما روي عن الامام الصادق عليه
السلام: (( و الله ما منا الا مقتول او
شهيد.))(13)
خامسا
سيادة جو من الحزن و الشعور بالاسى
لدى البعض.
لقد كان لدى البعض، سيما، من ال البيت عليهم السلام شعور بالحزن والاسى، لكونهم كانوا يدركون و يشعرون بان النبي(عليه الصلاة و السلام) لم يمت ميتة طبيعية، و انما وقع تسميمه، و لكنهم لا يمتلكون حجة قطعية لاثبات ذلك، و لم تتوفر في ذلك العصر شرطة جنائية، يمكن استدعاؤها او رفع الشكوى اليها.
سادسا
الجهة الحاقدة و الحاسدة لال البيت،
والمتورطة في الاغتيال،ستعمل على
اقصائهم من الزعامة
الجهة الحاقدة على ال (البيت عليهم السلام)، و الحاسدة لهم، و التي تقف وراء عملية الاغتيال، ضاقت درعا من زعامة و قيادة النبي للناس خلال فترة حياته، و لا تطيق انتقال و استمرار ذلك في
عترته من ال البيت (عليهم السلام)، و لذلك ستعمل في الخفاء، وبطرق مختلفة، على ابعادهم عن الخلافة، و لو بدعم أي مرشح للخلافة، شرط ان لا يكون علي بن ابي طالب رضي الله عنه، و ايضا بتبني الراي القائل بتقديم الاكبر سنا و الاعتراض على ما دونه، فهي في الاصل كارهة لاي من المرشحين للخلافة، و لكن كرهها لعلي و لال البيت (عليهم السلام) اكثر شدة.
سابعا
صدمة ال البيت(عليهم السلام) لعدم
مبايعة علي بن ابي طالب
ال البيت (عليهم السلام)، لكثرة ما سمعوه من نصوص التزكية و التنويه بعلي رضي الله عنه، كما هو مضمون الاحاديث السالفة، كان لديهم اليقين التام بانه سيكون المختار لمنصب الخلافة، و لذلك كان من الطبيعي، ان يصدموا، لما حدث خلاف ما توقعوه و استيقنوه.
ثامنا
ينضاف الى ذلك
ان الروايات الحديثية الملمحة لاستخلاف علي و ذكر فضائله ليس كل الناس على علم بها، و ان علموا بها فهي ليست صريحة في مسالة الخلافة، ثم ان عليا رضي الله عنه لم يتم اقصاؤه، و اختير كمرشح من بين المرشحين القلائل، و انصراف الاصوات عنه لصالح ابي بكر رضي الله عنه، هو راجع لغياب التنصيص القطعي على خلافته ثم لكونه الاصغر سنا، و كان من عادةالعرب تقديم الاكبر سنا للمهام الكبار.
و بالتالي، و في هذه الظروف، و لغياب نص صريح و قطعي و وصية تتضمن ذلك، ارتاى جمع من الصحابة مبايعة ابي بكر لمناقبه، و لمسائل منها استخلاف النبي له في الامامة بالناس نيابة عنه حال مرضه، و لكن من اهم اسباب مبايعة الصحابة له و تفضيله على علي، و ان لم يعلن ذلك صراحة، لانه كان امرا مسلما به لديهم اختيارا و سلوكا و طبيعة، و ليسوا في حاجة لذكره و التنبيه عليه كل مرة، و هو ان المعتاد المتوارث و المعمول به، هو تقديم كبار السن على غيرهم، و استنكاف النفوس بفعل التقاليد المترسخة عن تقديم الشباب للمهام العظام في حضور كبار السن.
كما ان صغر سن علي رضي الله عنه معناه ان الفرصة لازالت سانحة امامه مستقبلا، بخلاف ابي بكر و من هم في سنه، كما يوضح الجدول التالي:
| اسم الصحابي |
تاريخ الولادة |
العمر عند وفاة النبي(ص) |
| ابوبكر الصديق |
50 قبل الهجرة 573 ميلادية |
61 سنة |
| علي بن ابي طالب |
23 قبل الهجرة 599 ميلادية |
34 سنة |
امثلة في اسباب تقديم من هو اكبر
سنا على من دونه
و اسباب تقديم الكبار في العمر لا تخفى، منها التجربة و الخبرة والحكمة و الرزانة، و كتب الادب مليئة و زاخرة بالامثلة و الروايات و الاخبارالمعضدة لهذا المنظور.
و نجد ايضا في الواقع المعاش قديما و حديثا امثلة تعضد هذا المسار منها:
-ان شركات التوظيف و العمل نجدها تهتم كثيرا بذوي السجل الطويل من التجارب و الممارسة العملية، و هو ما يستلزم في الغالب تقدما في العمر.
-ان اعمار المدرسين و المعلمين تكون في الحالات الاغلب و الاعم اكبر من اعمار المتمدرسين و المتعلمين منهم.
-ان النفوس البشرية لا تستمرئ بسهولة ان يتصدر المشهد من هو في عمر الشباب، و من هو دونها في العمر.
-ان سن الشباب يشار اليه على انه سن طيش و عدم نضج، و سن شهوات و لامبالات، و كتب الادب مليئة بالامثلة و الروايات و الاخبار الدالة على هذا الامر.
-التوجيهات الدينية بدورها عضدت التوجه نحو
تقديم كبار السن بامور منها، الامر بتقديم كبير السن و احترامه و
توقير ذي الشيبة و ما شابه ذلك
-من العبارات التي تتردد في المجالس، ان يقال لشخص ما، الا تستحي ان تاخذ الكلمة و تتصدر المجلس و فيه من هو اكبر منك سنا؟! و يعتبر ذلك نوعا من السفاهة و قلة الادب.
-و تقول العرب: شيخ القبيلة و ليس شاب القبيلة...
-و من الامثلة التي تدل على ان النهج العام
المعتاد، كان هو ان يكون متزعم القوم و المتحدث باسمهم كبير السن، ما روي:( انه كان بين وفد المهنئين لعمر بالخلافة من أهل الحجاز غلام صغير و كان الوفد قد اختار الغلام ليتكلم عنهم، وهو أصغرهم، فلما بدأ بالكلام قال له عمر: مهلاً يا غلام ليتكلم من هو أسن منك، فقال الغلام: مهلاً يا أمير المؤمنين، المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فاذا منح الله العبد لساناً لافظاًُ وقلباً حافظاً، فقد إستجاد له الحلية، يا أمير المؤمنين لو كان التقدم بالسن لكان في الأمة من هو أسن منك ـ أي أحق بمجلسك هذا ممن هو أكبر منك سناً ـ. فقال عمر: تحدث يا غلام، قال: نعم يا أمير المؤمنين، نحن وفود التهنئة لا وفود المرزئة، قدمنا إليك من بلدنا، نحمد الله الذي منَّ بك علينا لم يخرجنا إليك رغبة ولا رهبة، أما الرغبة فقد أتانا منك إلي بلدنا، وأما الرهبة فقد أمّننا الله بعدلك من جورك، فأعجب عمر بفصاحة الغلام وعلمه، وسداد رأيه...)(14)
فالشاهد في القصة، هو استنكار الخليفة لحداثة سن رئيس الوفد، و قوله:((مهلا يا غلام ليتكلم من هو اسن منك)) فهو دلالة على ان العرف اقتضى ان يكون المتزعم للقوم، و المتحدث باسمهم كبيرا في السن.
-و من العادات التي كانت شائعة و ربما لازالت، ان المرء اذا قيل له لماذا لم تتزوج، يجيب بان عليه ان ينتظر زواج اخيه الاكبر منه سنا.
-و من العادات السيئة و التي لها صلة بالعمر، ان الفتاة اذا طلبها احد للزواج، و كانت لها اخت كبرى، رفضت اسرتها الطلب، بدعوى انتظار زواج البنت الكبرى اولا.
-و هنالك فئات شيعية تواخذ على علي بن ابي طالب، انه لم يدافع عن احقيته بالخلافة، و تغفل او تتناسى هذه الفئات ما يلي:
-ان هنالك نصوص تنهى عن طلب الامارة و تنهى عن تزكية النفس امام الغير.
-ان هنالك نصوص تامر بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة و تجنب الفرقة و الاختلاف.
فعلي بن ابي طالب صُدِمَ نوعا ما بعدم مبايعته، لكنه تقبل الامر، اذ ليس هنالك امر او وصية قطعية دالة على استخلافه، و لذلك غَلَّبَ و اثَرَ المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، و لكي تبقى الدولة قائمة و لا تنهار.
و لنعلم قوة التاثر بالعرف السائد،
و مدى الارتباط و الالتصاق به،
و
الانسياق معه، سنجد ان روايات
الائمة من ال البيت(عليهم السلام)
لا تخلو من امثلة
تدل على ذلك،
منها:
ان الائمة من ال البيت(عليهم السلام)
والشيعة عامةعاشوا لقرون يعتقدون،
ان الامام المهدي المنتظر هو شخص
واحد، و صار ذلك معتادا لديهم، و
امرا مسلما به، لا يكتنفه جدال او
شك، لكن الحقيقة ان الامر هو على
خلاف ما صار بمثابة عادة و
عرفا لديهم، و هو ان المهدي مهديان
و ليس مهدي واحد.
و جاء في رواية لهم(15)، في وصف فئة
من المجموعة التابعة للامام المهدي،
بان منهم من يحمل على السحاب ،
و المقصود بذلك، يركبون الطائرات، و عدم ذكر اسم الالة ذاك، و التصريح به، سببه ان بيئتهم و محيطهم لم يعرف تلك الالة، و بالتالي، لم يوجد لها مصطلح انذاك، و عليه، يمكن القول بان المرء هو سجين بيئته و مالوفه و محيطه.
و جاء في رواية لهم(16)، اعتقد ان مصدرها هو
الكشف، بان الامام الحسين (عليه السلام) يصلى على الامام المهدي، و يتولى امر دفنه، و كل هذا الفهم في اعتقادي، هو تاويل غير صحيح للكشف الذي ربما رؤي فيه الامام الحسين يصلي للامام المهدي، ففسر ذلك بصلاة الجنازة، تنزيها للامام الحسين ان يكون مشركا، و تنزيها لله ان يكون له شريك يعبد، و كل ذلك، هو نتاج السير على المعتاد و المالوف، بان ليس هنالك لله شبيه و لامثيل، و لكن الحقيقة غيرذلك، اذ سياذن الله بذلك في وقتنا الحاضر.
و جاء في رواية للامام علي رضي الله عنه، و التي اعتقد ان مصدرها هو الكشف الرباني، و هي بشان علامات اقتراب خروج المهدي، ذكر اوصاف و احوال باسلوب يفهم منه نبرة الاستهجان و الاستنكار(17) و من ذلك:
ركوب ذوات الفروج السروج، فهذا الامر يشير الى ان ركوب النساءعلى الجياد كان في مالوفهم و معتادهم و بيئتهم امرا مستهجانا، في حين ان ركوب النساء للجياد و مختلف المراكب في بيئتنا و وقتنا صار امرا عاديا و متقبلا لاسباب و دواعي مختلفة، و نتيجة ظروف جديدة(18).
و من ذلك ايضا، و بحسب فهمي، وصفه
للفقهاء و
القراء بالخونة و المنافقين، و سبب ذلك، ربما هو كونهم يتقاضون اجرا ماليا على عملهم الديني، في حين، انالمعمول به في زمن علي رضي الله عنه، ان كل ذلك يقوم الناس به تطوعا و ايمانا، و لكن كما نعلم، فان هنالك اسباب و دواعي جعلت المهام،ذات الصبغة الدينية المحضة، تصبح بمثابة وظائف مؤدى عنها و باجور مالية.
و هنالك امثلة اخرى على نفس المنوال تؤكد على ان المرء هو سجين بيئته و تقاليده و محيطه.
و كل ذلك، يستفاد منه براءة الصحابة
الذين ساروا
على المالوف و المعتاد، بتقديم الاكبر سنا لمنصب الخلافة في غياب حجة قاطعة دالةعلى خلاف ذلك، ولابد من استحضار كونهم مزكون و مشهود لهم بالايمان، مع التنبه، الى ان تلك التزكية لا تتناقض مع كونهم بشر لهم اولويات و مصالح خاصة و عامة مقدمة على غيرها بحسب اجتهادهم، كما انهم معرضون للتاثر باضرار النميمة و السحر، وامكانية انطلاء الحيل عليهم، و ما شابه ذلك... و نحو من ذلك هو
ما حدث للسيدة عائشة رضي الله عنها و
اخرين غيرها،
اذ انها باعتقادي، سُحِرَتْ من طرف جهة مغرضة، مما ادى الى وقوعها في خلاف مع الامام علي رضي الله عنه.
ان غياب النص الصريح القطعي او وصية
نبوية في
قضية الخلافة كانت له اضرار بالغة، و لم يكن النبي (صلى الله عليه و سلم) ليتسبب في ذلك،لولا ظروف قاهرةحلت به، و قد أَشَرْتُ اليها، و الله تعالى هو الذي سمح بحدوث ذلك كله، ليختبر الناس، و لحكمِِ و مقاصدِِ يعلمها.
----------------------------------------------
الهوامش
(1) رواه الترمذي: 3713
(2) اخرجه احمد: 7160
(3) اخرجه احمد: 7160
(4) كشف الغمة:ج2،ص430،ط سنة1381.
(5) صحيح مسلم: باب فضائل علي رضي اله عنه.
(6) مسند احمد: 2،17.
(7) صحيح
مسلم: 6 / 3 ـ 4
(8) فتح
الباري 16 / 338
(9) كنز
العمال 13 / 26.
(10) كنز
العمال 13 / 27.
(11) الحاكم النيسابوري ج 3، ص 126.
(12) الترمذي، ج 5، ص 637.
(13) كشف الغمة ج2 ص430 ط سنة 1381 هـ المطبعة العلمية.
(14) مروج
الذهب: 3/197
(15) الغيبة: 315
(16) بحار الانوار ج53, ص103
(17) نور الأبصار للشبلنجي للشافعي

تعليقات
إرسال تعليق