القائمة الرئيسية

الصفحات

السنة و الشيعة

السنة و الشيعة



لقد تحدث سالفا عن موضوع الامامة و الخلافة، و 

الذي شكل الاختلاف و النزاع بشانها، النواة

 الاساسية لانقسام المسلمين الى سنة و شيعة، و قد

 بينت الراي الصواب في المسالة، و الاسباب 

الحقيقية و الخفية التي ادت الى ظهور 

ذلك الخلاف، و على راسها:

 -انعدام نصوص صريحة و قطعية، دالة بشكل مباشر

 على استخلاف علي والائمة من بعده(عليهم السلام).

-انعدام وصية نبوية باستخلاف علي و الائمة من 

بعده(عليهم السلام).

و  قد اشارت الى ان النبي محمد (صلى الله عليه و

 سلم) كان ينوي ترك وصية في ذلك، و لكن حدث ما 

لم يكن يتوقعه، و حيل بينه و بين الوصية.

و لعل من بين الحكم و المقاصد من سماح الله تعالى

 بحدوث ما وقع، مما يتراى  لنا في الظاهر انه

 ضرر محض، هو ان الله تعالى اراد ان تكون هنالك

 منافسة قائمة بين السنة و الشيعة في مضمار 

عبادته و التقرب اليه، اذ من شان وجود فريقين، 

ان يكون له اهمية كبيرة في خلق اجواء من 

المنافسة و التسابق، و هذا نفسه، ما يحدث في كل

 الميادين الحياتية الاخرى، كالاقتصاد و السياسة و

 الرياضة والفنون و العلوم و مضمار البحث و

 المعرفة و غيرها.

و عليه، يجب القبول بكون كل من مسلك الشيعة و

 مسلك السنة هما معا سبيلين موصلين الى الله 

تعالى، و ليس ان واحد منهما فقط هو الذي على 

صواب، و ان الاخر يجب ازالته و محوه و القضاء 

عليه، بل هما معا بمثابة الوجهين لعملة واحدة.

فنحن نعلم مثلا، انه ان يكون للموضع و المكان 

الذي نود قصده و التوجه اليه طريقين او اكثر، هو

 بلا شك، افضل من ان يكون له طريق واحد فقط. ذلك 

ان وجود طريقين او اكثر، سيجعلنا في سعة من 

امرنا، و يعطينا فرصة اختيار مانحبذه، و ما

 نراه الاقرب، و الايسر، و الانسب،  لظروفنا و

 احوالنا.فهذا المثال، هو ما يمكن ان نطبقه و 

ننزله على مسالة كون المسلمين، يتفرعون الى

قسمين كبيرين، هما: السنة و الشيعة.

فالسنة اتبعوا طريق الاقتداء بالنبي و سنته،

 معتمدين في ذلك، على الايات القرانية الدالة على

 ذلك و كذا الاحاديث، من مثل الحديث النبوي:

(اني قد تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب 

الله وسنتي)(1)

و اما الشيعة، فاتبعوا طريق الاقتداء بالعترة 

النبوية من ائمة ال البيت المعصومين(عليهم

 السلام)، معتمدين في ذلك، على الايات القرانية

 الدالة على ذلك، و كذاالاحاديث النبوية المشيدة

 والمزكية لائمة ال البيت المعصومين و منها 

الحديث النبوي:

(يا ايها الناس! اني قد تركت فيكم، ما إن اخذتم 

به لن تضلوا،كتاب الله و عترتي اهل بيتي)(2)

و مادام ال البيت(عليهم السلام) مزكون و مطهرون

 بنص القران، فانه بالتالي،لا يتصور صدور الكذب و

 الادعاء و الافتراء و التقول بالباطل منهم، و

 يمكن اعتبار كل ما روي عنهم، من احاديث و

 تفاسير، و كانوا هم بالفعل مصدره الحقيقي، 

اخبارا صحيحة.

فاذا علمنا، بشكل عام، ان طريق المتبعين للسنة

 و طريق الشيعة، ليس بينهمااختلاف تناقض و تضاد،

و انما اختلاف تنوع و تعدد و توسعة، فكذلك الامر

 يقال في الاخبار الصحيحة المروية عن طريقهما،

فالخبر سواء اكان رواية حديثية،او تفسيرا

 قرانيا، هو صحيح، و يُحْمَلُ في حالة اختلاف 

المحتوى، على انه اختلاف تنوع، و انه بمثابة إضافة جديدة،

 و أنه دليلعلى غنى النص القراني، و اعجازه،

 و تعدد ابعاده، و قدرته الكبيرة، على 

استيعاب و احتواء كل التفاسير، و ان تعددت،ما 

دامت تلك الروايات و النصوص صحيحة النسبة 

للمروي عنهم.

==============================================

الهوامش

(1) مستدرك الحاكم:ج1،284

(2) كشف الغمة: ج2، ص 430، ط سنة 1381.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات